أولاً: دوافع عقد الاتفاق بالنسبة (السعودية – ايران)
1- في السياسة لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم والمصالح هي القاسم المشترك بين الجميع ، والأكثر تأثيراً هي القوة العسكرية والقوة الاقتصادية
2- إن العراق وسلطنة عُمان احتضنا سابقاً عدة مباحثات أمنية بين إيران والمملكة العربية السعودية، ما جعل الجانبين يتوصلان لنقاط مهمة من أجل استكشاف المواقف وكيفية الاتجاه قُدماً نحو العلاقات الدبلوماسية بينهما
3- إن دول الخليج عموماً والسعودية خصوصاً ايقنت بأن عالم أحادي القطبية على وشك أن يتغير، خصوصا عندما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية مشاكل داخلية وأزمات، دفعت السعودية أن تغير بوصلتها وتعدل سياساتها الخارجية خصوصا علاقاتها الإقليمية
4- البعض يرى إن الاتفاق هو خطوة دراماتيكية سعودية جاءت تعبيراً عن عدم ثقتها في رؤية نتنياهو لعزل إيران من خلال فكرة إنشاء حلف ناتو شرق أوسطي لمواجهة إيران
ثانياً: دوافع الاتفاق بالنسبة للصين
1- إن التفاهم بين طهران والرياض على فتح سفارتيهما وكذلك التعاون في مجالات مختلفة مثل التجارة والاستثمار والرياضة ربما يعد مؤشر بأن الدولتين تولدت لديهما قناعة بان المرحلة المقبلة هي مرحلة الهيمنة الصينية
2- تأتي أهمية تطبيع العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية، لما يمثلانه من خزان للطاقة فضلاً عن الموقع الاستراتيجي للبلدين ودورهم في مشروع طريق الحرير الصيني
3- إن الصين أثبتت بشراكتها في هذا الاتفاق، أنها مشتركة في قيادة الدبلوماسية وإدارتها في (غرب آسيا)، وهنا نقرأ متغيرًا جيوسياسياً في السياسة الصينية، إذ انتقلت من التقوقع الجغرافي إلى اللعب الجيوسياسي
4- إن هذا الاتفاق يتجاوز كونه تسوية سياسية متبادلة بين دولتين اقليميتين كبيرتين إلى اعتباره اتفاق له انعكاسات إقليمية ودولية واسعة وذلك انطلاقاً من حجم تأثير الأطراف المتعلقة به سواء على المستوى الثنائي (السعودي- الإيراني) أو حتى على مستوى دوافع ودلالات رعاية قوة عظمى كالصين تخوض منافسة عميقة وواسعة مع الولايات الأمريكية المتحدة في عدة فضاءات جيوسياسية عالمية
5- تبدو دلالة الاتفاق في الكشف عن دور متصاعد للصين في العلاقات الدولية عامة، وفي الشرق الأوسط خاصة وتخليها عن سياستها الحيادية على حساب التدخل الإيجابي في حل النزاعات والخلافات الإقليمية والدولية خاصة إن الصين في 8 – 9 كانون الأول عام 2022 عقدت في السعودية ثلاثة قمم كمؤشر هام على دعم خليجي لحضور سياسي صيني متنامي ومتزايد في المنطقة بالتوازي مع الحضور الصيني الاقتصادي المتنامي في المنطقة
ثالثاً: الآثار المحتملة للاتفاق (السعودي – الإيراني) برعاية الصين
1- إن عودة العلاقة بين السعودية وإيران سيفتح الباب واسعا لمناقشة كل الملفات في المنطقة، منها الأمن البحري وأمن الطاقة
2- لا شك إن إعلان الاتفاق السعودي الإيراني في 10 آذار عام 2023 شكّل انجازاً كبيراً وانعطافاً مهماً في حركية التفاعلات الإقليمية، حيث إن هذا الاتفاق تضمن إعادة فتح سفارتي البلدين خلال شهرين، وإعادة تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة في عام 2001 واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والعلمي الموقعة عام 1998
3- إن هذا الإعلان يحمل في طياته العديد من المؤشرات المهمة سواء لجهة تأكيد التوجه العام السائد حالياً في منطقة الشرق الأوسط والمتمثل في سياسات (تصفير المشكلات) الذي بات المحرك الأساسي في وظيفة العلاقات بين الدول الإقليمية المركزية
4- عموماً يمكن القول إن في حال صمود الاتفاق وقدرته على تجاوز التحديات والمشاكل التي تعصف بالمنطقة أو التي تتعلق بالعلاقة الثنائية السعودية – الإيرانية فإن هذا الاتفاق يصب في صالح كلا الفاعلين في الشرق الأوسط في ظل تصاعد التحديات والمخاطر الطبيعية من أمراض وزلازل وتغيرات مناخية وغيرها فضلاً عن أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة تعيشها العديد من دول المنطقة
5- من الواضح إن الاتفاق شكّل صفعة قوية للجانب الإسرائيلي حيث ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت مساء يوم الجمعة (إن اتفاق استئناف العلاقات بين السعودية وإيران يعتبر بمثابة “بصقة” في وجه إسرائيل)، وأضافت الصحيفة (إن هذا الاتفاق يمكن أن يلحق ضرراً شديداً بالجهود المبذولة لتوسيع اتفاقيات إبراهيم لتشمل السعودية، التي بدا أنها أصبحت مقتنعة أن إسرائيل لا تملك حالياً خياراً عسكرياً موثوقاً ضد إيران وقررت التهدئة والتوصل إلى تفاهم مع الجمهورية الإسلامية)
6- لا شك إن آثار الاتفاق الإيراني – السعودي على الملفات الإقليمية الشائكة في المنطقة (اليمن ، سورية، لبنان، العراق) سيبقى رهن مدى التقدم في تنفيذ الاتفاق