تعتبر الانتخابات بشكل عام التعبير الأكثر تحديداً عن مفهوم المشاركة السياسية و المواطنة الاجتماعية ..
فهي مؤشر عن قوة الدولة في قدرتها على تجديد نفسها.
و هي تعبير عن قوة الاحزاب في قدرتها على تحقيق مشروعيتها السياسية.
و الاهم هي التعبير الأقوى للشعب و للمواطن بان يقول كلمته بكل حرية..
مناسبة هذا الحديث هو قرب موعد انتخابات الادارة المحلية التي لا تقل شأناً عن أي انتخابات أخرى… (بل في بعض الدول تعتبر أهم من الانتخابات البرلمانية و الرئاسية و النقابية)
سيقوم السوريون قربباَ بانتخاب اكثر من 18 الف عضو مجلس محلي.. في ظل ظروف معيشية و اقتصادية و إجتماعية خانقة…
و في ظل آمال بالخروج من هذا الواقع الصعب..
و لكن و مع اغلاق باب التقدم للترشيح.. فقد تقدمت اعداد قليلة جدا جدا تكاد أن تكون مخجلة لجهة من يرغب بالترشح لعضوية المجالس.. و هذا له أسباب عديدة موضوعية اوجزها كالتالي :
1- إن عدداً كبيراً من السوريين (ناخبين و مترشحين) أصبح لديه قناعة مسبقة بأن الأسماء و التشكيلات موضوعة و متفق عليها مسبقاً من قبل بعض أفراد الجهات السياسية المعنية بالأمر لا سيما في مسؤولي الفروع اصحاب الامتيازات التي لا يعرف المواطن سبباً لها. و قد يحدث ذلك بصفة شخصية دون ان يكون هناك قرار او توجيه من قبل القيادة السياسية.
2- إن عدداً كبيراً من الكفاءات السورية انكفأ عن ممارسة هذا الدور بسبب تجارب سابقة أثبتت أن هناك من سيقوم (بتعيين الناجح انتخابياً مسبقاً) و لنا في حزب الإصلاح الوطني تجربة واضحة تماماً في انتخابات ترميم المقعد الشاغر في مجلس الشعب منذ شهر.. حيث قيل لنا من سينجح قبل يوم من الانتخابات و مع ذلك.. ظل اصرارنا كبيراً على المشاركة.. و الذي حصل هو ما قيل لنا.
3- إننا نتفهم وجود قائمة مشتركة لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و هذا إرث سياسي تاريخي و تجربة سياسية مهمة و لكن لم تتجدد او تتطور روح التجربة لاسيما بعد صدور قانون الأحزاب .. إنما الذي حصل هو احتكار منظومة تشكيل المجالس من قبل الجبهة بالكامل.. بمعنى أن هناك احزاب وطنية من خارج الجبهة يتم استبعادها بالكامل و هناك شخصيات مستقلة و مرموقة.. تعرف سلفاً بأنه لا فرصة لها إلا إذا كانت تحت رعاية قوائم الجبهة و توجيهاتها..
4- زاد الطين بلة.. بأن احتكار قوائم المرشحين تجاوز موضوع الجبهة (و التي تبقي بالاخير مؤسسة) ليصل بأن يكون هناك شخصيات نفوذ مناطقية نبتت فجأة خلال الحرب.. لا يعرف لها تاريخ سوى بالأعمال الفاسدة و غير الشرعية.. هذه الشخصيات اصبحت المتصرفة بالعديد من التعيينات و الترشيحات و الأعمال و الاستثمارات.. و لكنها اضافت موضوع الانتخابات كجزء جديد من (البزنس) الخاص بها.. و المربح جداً
5- حين تصبح الكفاءات الوطنية أمام ثلاث احتمالات (الإنكفاء او الإنطفاء او الاختباء) سيصبح الوطن في خطر… فالقضية ليست وصولهم إلى مراكز قيادية و مناصب و امتيازات بل القضية الجوهرية تكمن في عدم اغتيال الأمل لدى الشباب السوري بوطن ٍ ٍ يبنوه بافكارهم و سواعدهم..
6- انا مؤمن بأن مفاتيح التغيير الحقيقية.. التغيير التطويري الذي نريده في سورية هو في يد و في مسؤولية الرفاق في حزب البعث العربي الاشتراكي.. و لقد كان البعثيون منذ اكثر من سبعين عاماً في مقدمة القوى السياسية البانية و المنتجة و المبادرة… و لكن السؤال.. هل يعرف المسؤولون ما هو مزاج الشارع البعثي الآن.. هل أندفع الرفاق في الكوادر للترشح و المشاركة في الانتخابات ام هم بانتظار ان يكون الترشح (تكليفاً) و كأنه (وظيفة عامة)..
نحن كحزب من خارج أحزاب الجبهة يهمنا ان نرى احزاب الجبهة و لا سيما حزب البعث بمقدار تلك القوة التي تضمن أقوى نموذج للوحدة الوطنية و المشاركة السياسية..
و لذلك يجب ان يتدارس الرفاق أسباب ضعف الإقبال على مبادرة الناس في الترشح… و ان يعيدوا تقييم أعضاء الفروع و كيف أدوا واجبهم.
نحن نعلم بأن حل هذه المشكلة سيكون سهلاَ بالطلب من النقابات و أعضاء المجالس السابقة ترشيح أفراد من قبلها… و سوف يتمكنون من إنجاز الامر خلال ساعات فقط
و لكن… هل هذه سورية التي نريد…؟ ؟
هل هذا هو المقابل لصمود الشعب و بسالة الجيش و شجاعة و صبر السيد الرئيس بشار الأسد الذي أعطاكم الثقة و الدور الذي يجب ان تقوموا به..
هذه الصورة القاتمة لن تثنينا عن المشاركة ترشحاً و انتخاباً.. و لن نعتبر هذه المشاركة مغامرة او مقامرة..
بل ستكون جزءاً من نضالنا السياسي المشروع بموجب الدستور و القانون…
نقولها كلمة حق لله و الوطن و التاريخ