الأزمة السورية من سوتشي إلى جنيف
إذا كانت الحرب الإرهابية على سوريا وما حولها منذ 2011، أول نزاع إقليمي- دولي متعدد القطب في القرن الحادي والعشرين، فإن المناورات الدبلوماسية حول الأزمة السورية تخطت حدود الإقليم وطافت المؤتمرات الكثير من العواصم والأمكنة حول العالم من دون نتيجة ملموسة.
فعلى الرغم من مراوحة التحضيرات الواسعة التي سبقت الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق تسوية معقولة للأزمة السورية، وتجديد المجتمع الدولي لدعمه لمفاوضات جنيف، فإن الجزء الأول من الجولة الثامنة انتهى مثل اللقاءات السابقة من دون إحراز تقدّم يذكر, وقد كشف مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين عن الأسباب التي تقف وراء فشل الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف بشأن التسوية السورية.
وحمل الدبلوماسي الروسي، أثناء مؤتمر صحفي “وفد المعارضة المسؤولة عن فشل المفاوضات” مشددا على أن المشكلة الأساسية تكمن في استمرار المعارضة بطرح شروط مسبقة على طاولة الحوار، لا سيما مطالبها برحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
وأكد بورودافكين أن وفد المعارضة وصل إلى جنيف بـ”موقف لا يمكن وصفه بالتفاوضي”، مضيفا أن هذا المنهج للمعارضة يجعل من المستحيل مشاركة وفد الحكومة السورية في الحوار. وقال المسؤول الروسي إن إنجاح المفاوضات يتطلب أولا إدراك المعارضة ومموليها ضرورة استبعاد مطالب كهذه من أجندتهم.
وتابع: “إلى ذلك، يجب التفكير بإضافة عدة نقاط مهمة إلى أجندة المعارضة التفاوضية، بما في ذلك التعبير عن دعمها وجاهزيتها للمشاركة في الصراع المشترك ضد ما تبقى من تنظيم “جبهة النصرة” في الأراضي السورية، وكذلك ضد الفصائل المسلحة الأخرى المتواطئة معها”.
من المؤكد أنه كان لروسيا دورا بالغا في دعم الجهود المبذولة بغية وقف العمليات القتالية وإنشاء ودعم مناطق خفض التوتر، فقد كان لموسكو صولات وجولات كثيرة خلال الأزمة السورية لتقريب وجهات النظر والانتقال إلى الحل السياسي بدلا من الاستمرار في الصراع العسكري الذي لن يفضي إلى نتيجة فكان اجتماع القمة الثلاثية – روسيا، تركيا، إيران – في سوتشي نقطة تحول مهمة في مسار حل الأزمة السورية، حيث دعت القمة إلى إيقاف الصراع العسكري والانتقال إلى المفاوضات السياسية التي تضمن وحدة وسلامة الأراضي السورية وتساهم في إعادة المهجرين والنازحين إلى منازلهم ولم ينس المشاركون في اجتماع سوتشي بالطبع الإشارة إلى جهودهم في عملية أستانا التي اعتبروا أنها «ساهمت في الحفاظ على وحدة سورية، وأدت إلى إنشاء مناطق خفض التصعيد والتهدئة. وأعربوا عن تأييدهم لفكرة بوتين حول عقد «مؤتمر وطني سوري» قريباً، مع تأكيد موسكو أن المؤتمر لن يكون بديلاً عن جنيف إلا أنها تراهن على دعم أنقرة وإقناعها قسماً من المعارضة بالانضمام إليه، وربطه بعملية أستانا.
ورفض ما يسمي نفسه “الائتلاف السوري المعارض” المؤتمر معتبراً إياه محاولة للإلتفاف على مفاوضات جنيف في إطار الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، “ هذا الالتفاف الذي أتقنته الولايات المتحدة وتوابعها في المنطقة العربية فواشنطن أتقنت لعبة الرقص على المسارات في موازاة تدخلها العسكري الذي يعتبر خرقا للأعراف الدولية لأنه جاء دون أي أذن من الحكومة السورية أو دون التشاور معها بل أنه امتد ليضرب الجيش العربي السوري ويمد الإرهابيين في الرقة بالسلاح
ورغم هذا تبدو روسيا مصرّة على عقد مؤتمر أطلقت عليه تسمية “الحوار الوطني السوري” على أراضيها، رغم رفض المعارضة السورية الواسع لهذا المؤتمر، والفتور الإقليمي والدولي في التعاطي معه. وفي هذا السياق فقد أكد المبعوث البريطاني الخاص حول سوريا مارتن لونغدن وفي ختام اجتماع عقده دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة مع سفراء الدول الكبرى ومبعوثيها إلى محادثات جنيف، حول موقف بلاده من مسار سوتشي الذي ترعاه روسيا، إن “بعض المبادرات يمكن أن تساعد أو لا تساعد، لكن وحدها عملية جنيف لديها شرعية يمكن أن تجلب لسوريا الانتقال السياسي الذي تحتاجه الآن”.
ولكن أهمية انعقاد مؤتمر الحوار والسلام في سوتشي وحضور مختلف المكونات من أهلنا السوريين ليكون هذا المؤتمر فاتحة الحل السياسي في الجمهورية العربية السورية والذ ي تهدف إلى تقريب وجهات النظر.
ونقلت قناة “آر تي” عن الوزير لافروف قوله، أنه بعد أن تقدمت قمة سوتشي للرؤساء الدول الضامنة بمبادرة عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري، ستكون المسألة الأهم فيه هي إصلاح الدستور والتحضير للانتخابات على هذا الأساس، أي الانتخابات البرلمانية والرئيسة
وفي النهاية لا بد من التأكيد على انتصارات الجيش العربي السوري ووقوف الشعب السوري معه في معركته ضد الإرهاب وضع سوريا موضع القوي المفاوض الذي يملك الأرض والقوة الأمر الذي بين أن الجيش السوري هو الضامن الوحيد للسلام لذلك فإن أي مؤتمر يعقد حول سوريا فإن ركيزته هو الجيش العربي السوري وتضحيات الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته هذا الشعب الذي اسقط الحلم الإرهابي الصهيوأميركي في تقسيم المنطقة وفي أنهاء حركات التحرر العربي من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا