رواتب السوريين تجعلهم تحت خط الفقر
شهدت الأوضاع الاقتصادية في سوريا تدهورا تدريجيا منذ اندلاع الأزمة عام 2011 وبلغ ذروته في العامين 2016-2017، حيث قفز سعر صرف الدولار مقارنة بالليرة السورية قفزات كبيرة، ليتجاوز في بعض الأحيان الـ 650 ليرة، بعدما كانت قيمته نحو 50 ليرة قبل اندلاع الحرب، بالإضافة إلى توقف الحياة في معظم القطاعات الاقتصادية، سواء الزراعية أو الصناعية أو حتى التجارية، بسبب فقدان المواد الأولية أو ارتفاع أسعارها، والدمار الكبير في القطاع الصناعي، وانقطاع نسبة كبيرة من طرق النقل،وهذا ما جعل الكثير من السوريين تحت خط الفقر.
وتشير مديرية حماية المستهلك في سورية إلى أن عائلة مكونة من 5 أفراد تحتاج إلى 150 ألف ليرة لكي تستطيع أن تعيش وفق مقياس السعرات الحرارية الدولية، أي دون الأخذ بعين الاعتبار التعليم والحاجة للطبابة التي تضاعفت اسعارها وأصبحت مستحيلة في كثير من الحالات، وذلك إذا افترضنا أن البيت ملك لصاحب الأسرة، وأنه غير مستأجر ففي هذه الحالة يجب أن يتجاوز دخله ال 250 الف ليرة ليبقى فوق خط الفقر، وربما هذا الرقم كبير بمقياس العملة السورية لكننا اذا حسبناه بالدولار فلن يتجاوز ال 600 دولار وهو دخل متدني حتى في كثير من دول العالم الثالث.
وتؤكد دراسة حديثة أصدرها مركز «فيريل»، الذي ينشط من مدينة برلين الألمانية، أوردت أرقاما يمكن وصفها بأنها مرعبة لنتائج الحرب الكارثية على المجتمع السوري بشكل عام، لتؤكد أن العام 2016 هو العام الأخطر على المواطن السوري من جميع النواحي، وبخاصة الاقتصادية والاجتماعية.
وتفيد الأرقام التي قدمتها الدراسة بأنه «قبل العام 2011 شكلت الطبقة الوسطى أكثر من 60 في المئة من المجتمع السوري، وبرغم أنها لم تكن متجانسة من حيث التشكيل والمنبت الاجتماعي والديني، الا انها كانت تقود المجتمع، خاصة أنها تتكون من الموظفين والأطباء والمهندسين والمثقفين والمعلمين والأدباء والحرفيين وصغار التجار والصناعيين. غير أن الطبقة الوسطى في العام 2016 لم تعد تشكل إلا ما نسبته 9٫4 في المئة فقط من الشعب السوري، فقد خسرت سوريا مئات الآلاف من أبناء الطبقة الوسطى بسبب الهجرة أو القتل أو البطالة<<.
في وقت تقدر فيه الدراسة نسبة السوريين الذين أصبحوا تحت خط الفقر العالمي بنحو 86٫7 في المئة، توضح أن تكاليف المعيشة ارتفعت خلال سنوات الحرب بشكل تدريجي لتقفز في العامين 2016-2017 قفزات كبيرة إلى ان وصلت إلى نسبة 1155 في المئة قياساً الى ما كانت عليه قبل العام 2011، بالتوازي مع انخفاض القوة الشرائية للعملة السورية حيث خسرت الليرة ما يفوق الـ 90 في المئة من قيمتها.
ويقدر البنك الدولي خط الفقر العالمي بـ 1.9 دولار، بمعنى أن كل فرد مدخوله الشهري أقل من 60 دولاراً أي اقل من 27000 ليرة سورية (سعر صرف الدولار 450 ليرة) يكون تحت خط الفقر العالمي.
وبحسبة بسيطة تحتاج عائلة مكونة من خمسة أفراد إلى 135 ألف ليرة سورية شهريا لتكون عند خط الفقر، علماً بأن متوسط رواتب العاملين في سوريا يبلغ وسطيا نحو35 ألف ليرة سورية فقط، ما يعني أن هذه العائلة تحتاج إلى 100 ألف ليرة سورية لتصل إلى خط الفقر العالمي.
إن تطورات الأحداث الأخيرة والتقدم الذي حققه الجيش العربي السوري وما ترتب عليه من إعادة تأمين طرق النقل وإعادة تشغيل المدن الصناعية في دمشق وحلب وحمص، والانخفاضفي سعر صرف الدولار -وإن كان طفيفا ومتقلبا- يفرض على المعنيين النظر في قضية الأسرة السورية وزيادة الرواتب لتتناسب مع المتطلبات المعيشية والحياتية.
#حسين_راغب