روسيا قوة عسكرية وتوسع أفقي
شهد النظام الدولي منذ نهاية العقد الاول من القرن الواحد والعشرين تحولات جذرية ترتب عليها تراجع حدة النظام الدولي أحادي القطبية حيث صعدت الكثير من القوى الدولية ومنها روسيا التي سعت إلى استعادة نفوذها الدولي . وقد وصل الرئيس السابق فلاديمير بوتين الى الحكم عام 2000 وعلى كاهله عبء ثقيل وهو انتشال روسيا مما تعانيه من تدهور في شتى المجالات، ليس هذا فحسب بل واستعادة مكانة روسيا الاقليمية والدولية لتعود فاعل قوي على الساحة الدولية، وبالفعل فقد بدأت روسيا تحت قيادة بوتين في المضي قدما نحو استعادة مكانتها الدولية . ويمكن القول بأن الصعود الروسي بدأ يبرز بشدة ويتضح في الفترة الثانية لحكم لبوتين خاصة منذ عام 2006
وقد برزت روسيا خلال 2017 بوصفها «قوة عالمية» بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين الذي واصل «تحقيق جميع أهداف بلاده في سوريا، ». وفعلاً، يجمع المراقبون على أن الدور الروسي في الأزمة السورية شكّل المنصة الرئيسية والأهم التي انطلق منها الكرملين في الإعلان عن موقع روسيا في السياسة الدولية، وهو يدرك في الوقت ذاته أن استعادة موقع «القوة العالمية» لبلاده سيضعه بشكل أو بآخر في مواجهة مع الولايات المتحدة، ويفرض عليه تحدي الهيمنة الأميركية.
وفي حين كانت روسيا تواصل إدارة علاقاتها مع واشنطن، وسعيها لشغل موقع الشريك في الشأن الدولي، عمدت داخليًا إلى وضع برامج لتحديث السلاح في الجيش الروسي، وتعزيز القوة العسكرية، بالتزامن مع جملة خطوات سياسية – دبلوماسية، نسجت عبرها شبكة علاقات مع دول في الشرق الأوسط
وفي السياق ذاته، وضع بوتين الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في يوليو (تموز) عام 2014، حول الملف النووي الإيراني. فنجحت مساعي بوتين لتغير نهج السياسة الأميركية، وتحديدًا أن تتعامل واشنطن مع موسكو كشريك في الشأن الدولي، فقد كانت روسيا تحقق تقدمًا في مجال لعب دور محوري حاسم في القضايا الدولية الحساسة، وأخذت عبر دورها في الأزمة السورية بصورة رئيسية تحتل الصدارة في الحراك السياسي الدولي، إن كان في المحادثات مع واشنطن أو مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن مواقفها في مجلس الأمن الدولي.
وجاء إعلان بوتين عن العملية العسكرية في سوريا نهاية سبتمبر 2015 ليشكل نقلة نوعية، لجهة الخطوات الروسية الرامية إلى فرض الشراكة بديلاً عن أحادية القطب في السياسة الدولية، ولعب دور «القوة القائدة» في التصدي للتهديد الإرهابي. وكان قد سبق الإعلان عن تلك الخطوة تصريحات انتقد فيها بوتين بشدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، داعيًا إلى تشكيل تحالف للمهمة ذاتها، لكن تحت سقف الشرعية الدولية وبموجب القوانين، بما في ذلك تلك التي تفرض على دول التحالف التنسيق مع السلطة الشرعية في دمشق
ويرى كثيرون أن العملية العسكرية الروسية في سوريا فرضت على واشنطن التعاون مع موسكو كشريك عبر عمل عسكري مشترك في سوريا «ضد الإرهاب»، خصوصًا أن وجود القوات العسكرية للبلدين على مسرح عمليات عسكرية واحد يضيق من خيارات واشنطن. وبالتالي، فإما تتعاون مع القوات الروسية ضمن الحد الأدنى من الرؤية التي عرضها بوتين، أو ترفض التعاون وتواجه تبعات أي حادث تصادم في الأجواء السورية بين المقاتلات التابعة للتحالف الدولي والمقاتلات السورية. وانتهى الأمر بتوقيع مذكرة حول ضمانة السلامة لتفادي الحوادث خلال الطلعات الجوية في الأجواء السورية.
في غضون ذلك، لم تخفِ روسيا حقيقة أنها تستعرض أسلحتها عبر عملياتها في سوريا، وكان الرئيس بوتين قد قال خلال اجتماع في الثامن من يوليو 2017 مع لجنة التعاون التقني – العسكري مع الدول الأجنبية، إن «السلاح الروسي يصبح أكثر فعالية، وهذا أمر يمكن التأكد منه، وليس في المعارض فحسب». وفي شهر مايو (أيار)، أشار بوتين خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين إلى أن «العملية في سوريا عرضت مدى فعالية وقوة الأسلحة الروسية». وخلال اجتماع مماثل يوم 22 ديسمبر (كانون الأول)، أضاف أن «استخدام أسلحتنا في سوريا يفتح أفاقًا أمام التعاون التقني – العسكري»، وهو المصطلح الذي يدل على صفقات الأسلحة الروسية للدول الأخرى.
وترى “تلغراف” أن روسيا تحتفظ بالقوة العسكرية “الأعظم”.ويحتل الجيش الروسي المركز الأول، عالمياً، في عدد الدبابات والمدافع الذاتية الحركة وراجمات الصواريخ، حسب “تلغراف”. وذكرت الصحيفة البريطانية أن روسيا تملك 15398 دبابة، أي حوالي مثلي ما تملكه الولايات المتحدة الأمريكية، و37 ضعف ما تملكه بريطانيا، فيما يملك الجيش الروسي من المدافع الذاتية الحركة ثلاثة أضعاف ما يملكه الجيش الأمريكي، و67 ضعف ما يملكه الجيش البريطاني. وتملك روسيا 3793 راجمة صواريخ، أي حوالي 3 أضعاف ما تملكه الولايات المتحدة، و90 ضعف ما تملكه بريطانيا
وأخيرا تأتي العلاقات الروسية-الصينية لتتوج القوة العسكرية الروسية ,فقد أدت إلى تعديل توازن التحالفات الذي كانت العلاقات الأميركية – الأوربية سببا في اختلاله لصالح الولايات المتحدة وقد ساهمت العديد من العوامل في حدوث ذلك مثل التقارب الجغرافي، وتحول الصين إلى قوة عالمية تتعارض مصالحها مع المصالح الأميركية ، وتماثل أنظمة الحكم في البلدين فلم يعد خفي على أحد مدى التنسيق والتوافق بين الصين وروسيا وخصوصا من خلال مواقفهما في مجلس الأمن