علاقة الأزمة السورية بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس
مع تزايد الحديث عن اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية من مدينة تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة
حذر محللون من خطورة هذا القرار الذي من شأنه التأثير على مستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل العملية السياسية لأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يعني الاعتراف بكل القدس الشرقية والغربية كعاصمة لإسرائيل إضافة إلى كونه اعتراف صريح بالحقوق الدينية والسياسية التي تدعيها وتطالب بها إسرائيل لتطبيقها في مدينة القدس لذلك فقد أثار هذا القرار حالة من الاستنكار والاستياء الشديد لدى الفلسطينيين وبعض الدول العربية والإقليمية، خاصة بالتزامن مع كشف صحيفة أمريكية تسريباً لاقتراح قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس “إختيار بلدة أبو ديس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية بدلاً من القدس”
ليس جديداً على الإدارة الأمريكية الوقوف إلى جانب “إسرائيل”، وهي التي تقف إلى جانبها في جميع المحافل وعلى جميع الصعد والمستويات فالقرار الأمريكي يكشف الجوهر الحقيقي للسياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وفلسطين، وهو موقف غير مستغرب من الإدارة التي تدعم إسرائيل منذ النشأة -وكما يقول المحللون-، فإن رمزيته لا تهين الفلسطينيين فقط لكنها تهين العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم، فالقدس رمز للشعور بالألم التاريخي والخيانة التي تعرض لها الشعب العربي، إنه الجرح الذي لا يندمل، وهذا القرار بمثابة وضع الملح في هذا الجرح.
إن الخطوة الامريكية الاستراتيجية تقطع الطريق تماماً أمام كل محاولة دولية أو عربية في استئناف عملية السلام وتقوض أي مسعى للوصول إلى تسوية سياسية في المنطقة، فالإدارة الأمريكية لا تسعى لتضع حلاً عادلاً للقضية الفلسطينية، وهذا ما يؤكده قول جيمس زوغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي “إن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس لن ينهي عملية السلام، لأنه لا وجود لعملية السلام”، وأضاف: “لن أقول أيضًا إنه سيضعف الثقة بالولايات المتحدة لأنها خسرت مصداقيتها بالفعل فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ما أقوله إنها خطوة غبية محفوفة بالمخاطر، وقد تؤدي إلى إشعال العواطف وتعريض حياة الناس للخطر.
أما عن علاقة موعد هذا القرار بالأزمة السورية بشكل خاص وبأزمات الشرق الأوسط بشكل عام فقد خلصت دراسة حديثة إلى أن تمسك إسرائيل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف الرسمي بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل يعود إلى خمسة أسباب جوهرية وهى اندثار خيارات التسوية، ولجوء تل أبيب إلى سياسات الحسم السريع، فضلا عن استغلال فرصة الأزمات الإقليمية، فمحور المقاومة مشغول بحل مشكلة الإرهاب الدولي الذي يعاني منه إلى جانب ضعف توقعات التصعيد، وأخيرا فرض الأمر الواقع
وترى الدراسة أنه على الرغم من أن الحسابات الأولية للمصالح الإسرائيلية الراهنة لا تدعم تأجيج التوترات مع الدول العربية والإسلامية؛ إلا أن الضغوط الإسرائيلية لم تنقطع خلال الآونة الأخيرة لدفع القوى الدولية للاعتراف بمدينة القدس المُحتلة عاصمة لها.
ويرجع هذا التعجل الإسرائيلي إلى عدة عوامل، من بينها:
هيمنة التيارات اليمينية على السياسة الإسرائيلية، واتباع حكومة نتنياهو سياسة “الحسم السريع” للقضايا، وانشغال الدول العربية المقاومة بمواجهة التهديدات الإرهابية المتصاعدة، ووجود
“فرصة تاريخية” ينبغى استغلالها على حد تعبير بعض المحللين الإسرائيليين، بالإضافة إلى اقتصار أهمية القرار الأمريكي -وفقًا للنخب الإسرائيلية- على الدلالات الرمزية والقانونية فى ظل الهيمنة الواقعية لتل أبيب على المدينة.
بالمقابل أوضحت الدراسة أن مراجعة المشهد الإقليمي الراهن تكشف عن أن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المُحتلة لن يكون فى صالح إسرائيل، حيث سيؤدي القرار لتعزيز مواقف القوى الإقليمية المعادية لها وفى صدارتها إيران وسوريا وحزب الله.
ولفتت إلى أن القرار يؤدى أيضًا لتقويض المساعي الإسرائيلية للتقارب مع بعض الأنظمة العربية بهدف دمجها في نظام الأمن الإقليمي فى منطقة الشرق الأوسط في ظل ما تعتبره تل أبيب تطابقًا فى الرؤى والمصالح فيما يتعلق بتهديدات إيران وسوريا وحزب الله للأمن الإقليمي وذلك ليس بسبب تمسك هذه الأنظمة بالقدس كعاصمة لفلسطين بل للحفاظ على ماء وجه هذه الأنظمة أمام شعوبها
من جهتها أدانت سوريا عزم الإدارة الأمريكية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة لكيان الاحتلال الغاصب مؤكدة أن الرئيس الأمريكي وحلفاءه في المنطقة يتحملون مسؤولية التداعيات الخطيرة التي ستنجم عن هذا القرار , وأن القضية الفلسطينية التي شكلت على الدوام بوصلة السياسة الخارجية السورية ستبقى حية بارادة الاحرار والشرفاء من ابناء الامة العربية وأن تعزيز الموقف العربي المقاوم يشكل الرد الأمثل لإفشال المخططات المعادية للامة ووضع حد لمهزلة التطبيع المجاني لبعض الانظمة العربية المتخاذلة التي تصب في خدمة المشروع الصهيوني وحشد الطاقات والقدرات من أجل الدفاع عن مصالح الأمة وحماية وجودها وتحرير الأراضي العربية المحتلة وضمان حق العودة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
#فلسطين
#القدس
#حسين_راغب
#علاقة_الأزمة_السورية_بنقل_السفارة_الأمريكية_إلى_القدس