تقاس الأمم عادة بمدى الحضور الثقافي والفكري والحضاري , وبعبارة أخرى تقاس بمفكّريها وسياسييها وما يتّسمون من حكمة ورؤية مستقبلية تسهم في تجنب الأخطار المدمّرة .. والعواطف المزمجرة .
وربما لا نبالغ عندما نشير إلى نقطة محددة مفادها , أن المبدع الحقيقي هو الذي يؤرّخ لأمته العربية في كفاحها وانتصاراتها وأحداثها .. وفي مختلف المراحل والمواقف التي تمرّ بها .
ذلك أن الحضارة بمعناها الدقيق لا تقوم في فراغ أو في صحراء قاحلة أو مناخ الخواء الفكري والروحي
, بقدر ما تقوم على أكتاف المبدعين , سواء أكانوا قادة , مفكّرين , مؤرّخين , أو بنّائين يبنون صرح الوطن من خلال الإنسان الجديد فيه .
إن أمة تعرف أهمية قادتها التاريخيين ودورهم الريادي في حماية أوطانهم من جميع أشكال الاختراق
أو الارتهان للأجنبي , هي لاشك أمة مكافحة قادرة على النهوض بمستقبلها وعلى كتابة إنجازاتها المضيئة في سجل التاريخ بكل الثقة والطمأنينة والافتخار والاعتزاز .
وفي هذا الشأن تتكّون أهمية الدولة من شخصية القائد الأول فيها , فهو الذي يدير كل شيء فإن لم تتوافر في هذا الشخص الصفات القيادية , ولم يكن ليتمتع بصفات القائد , فلن يكون قادراً على تقديم النهج الصحيح للشعب في الدرجة الأولى , ولمؤسسات دولته في الدرجة الثانية .
ومن هنا تحديداً تأتي أهمية كتاب (الرئيس بشار الأسد .. كلمات ومواقف) لمؤلفه الدكتور حسين راغب الحسين , والذي صدر حديثاً عن (دار أبعاد) للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت .
جاء هذا الكتاب الذي يقع في /341/ صفحة من القطع الكبير , في وقته المناسب وفي زمنه الصحيح
ليلقي الضوء على حقيقة ما يجرى في سورية في هذه الأيام … وعن كيفية التصدّي لهذه المؤامرة غير المسبوقة تاريخياً .
حيث يقدّم هذا الكتاب , الأكاديمي , المؤلّف من خمسة أبواب رئيسة , وبمنهجية واقعية ,
الرئيس الدكتور بشار الأسد , في ظلّ وجوده في سدّة الرئاسة منذ عام /2000م/ إلى هذا اليوم , يتحدث عن النهج والسياسة التي اتبعها من أجل النهوض بسورية , ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعسكري والثقافي , موضحاً أهم المراحل المفصلية في التاريخ السوري الحديث وكيف كان الرئيس بشار الأسد يتعامل مع الأزمات التي تتعرض لها سورية , ولا سيما في ظلّ الحرب الكونية الظالمة التي تشنّ عليها في الوقت الراهن .
أما إهداء الكتاب فكان إلى :
الذي علّم الأجيال معاني العزّة والكرامة والإباء , وقاد الأمة من نصر إلى نصر .. إلى حافظ العروبة وأسد الشام , إلى عظيم الأمة , القائد الخالد حافظ الأسد … وإلى من كانوا للفجر حرّاساً , وللمجد نبراساً إلى شهداء الوطن الأغلى … شهداء الجيش العربي السوري .
ومن أبرز موضوعات كتاب (الرئيس بشار الأسد .. مواقف وكلمات ) نختار هذه العناوين الهامة :
– العروبة في فكر الرئيس بشار الأسد.
– الإسلام في فكر الرئيس بشار الأسد.
– التغيير والإصلاح
– الخريف العربي في سورية.
– وعي الرئيس الأسد الدائم لهذه المؤامرة وكيفية مجابهتها .
– المواقف من الدول الداعمة للإرهاب
فكان لابد للرئيس بشار الأسد من أن يهاجم الدول الداعمة للإرهاب في سورية , وبالتالي توجه إلى الحكام السعوديين بجملة مستمدة من صميم التاريخ وتوضح خيانتهم الدائمة , ودعمهم اللامتناهي “”لإسرائيل” فذكر في سياق أحد خطبه الشهيرة ما لفظه حرفياً :
(أليس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل هو الذي أقرّ لبريطانيا أنه لا مانع لديه من إعطاء فلسطين لليهود المساكين في العام 1915 ) !!
ويختتم مؤلف الكتاب الباحث الدؤوب الدكتور حسين راغب كتابه بهذه الإضاءة المستقبلية التفاؤلية قائلاً:
(المعركة في سورية مستمرة,والرئيس بشار الأسد سيبقى على الوعد,كما تحدّث دائماً في خطاباته , متابعاً للنهج السياسي القائم من أجل النهوض بسورية , نحو مستقبل مشرق , يقوم على أسس الديمقراطية والحرية والعدالة بين أفراد المجتمع , وذلك عن طريق العمل الشفاف بين الدولة والمواطن , من أجل تحقيق الأفضل لسورية , وللشعب السوري وتاريخه).
والحق يقال .. فإن هذا الكتاب الجديد من نوعه في المكتبة السورية, جدير بالاقتناء والقراءة الواعية
,التي تقود حتماً إلى مناقشات مستفيضة هادفة , بخاصة وأن مؤلفه الدكتور حسين راغب , كان ملتزماً بالخط الوطني وموفقاً في تحليل الواقع وتداعياته , والتنبؤ بما ستنتهي إليه الأمور , في نهاية المطاف بعد كل هذه التضحيات العظيمة , التي قدّمها الجيش العربي السوري , وأبناء الشعب الذين يمثلون الأطياف السورية
هاني الخيّر