الصهيونية العربية
التبس الفھم والوصف على الكثیرین من وضع مفارقات أو حواجز تعریفیة إلى مصطلح الصھیونیة العربیة والذي یخفي دلالات كارثیة على العالم العربي بشكل عام وعلى العروبة والوطنیة والانتماء والأصالة بشكل خاص , فالصھیونیة العربیة ھي . ” كل حركة سیاسیة أو منظمة فكریة أو دینیة أو أسرة صاحبة نفوذ تفتح المنطقة للغرب بغرض سیاسي اقتصادي ھي بنفس الوظیفة الصھیونیة ” , وھذا التعریف قد شمل الجماعات السیاسیة والفكریة والدینیة والاجتماعیة التي تسیر ضمن الركب الغربي الصھیوني إما متأثرة بسطوتھا وقوتھا أو لضمان بقاؤھا التفوقي على العصبیات والجماعات الأخرى في عالمنا العربي فلو نظرنا إلى تیارات الإسلام السیاسي المعاصر نجد أن كبراھا ھي حركة الإخوان المسلمین قد نشأت وترعرعت في بریطانیا وتوفر لھا الحكومة البریطانیة ومنذ زمن طویل الحریة الكاملة في إنشاء المؤسسات الخیریة الدولیة على اختلافھا وحریة إنشاء مراكز الأبحاث والدراسات وتعطیھا الحریة الكاملة في العمل الإعلامي بكل أشكاله وبالتالي فهي ليست بعيدة عن الفكر الاستقلالي الغربي الذي لم یسلم من الدسائس والخزعبلات الیھودیة والتي عرفت “بالصهيونية المسيحية ” والتي یقودھا الیھود وفقا لتأثیرھم المالي والاقتصادي على العالم بأسره والتي تمثل نشاطات الجماعات والطوائف المسيحية الداعمة لأهداف اليهود؛ والمنحدرة في غالبها من الكنائس البروتستانتية التي تؤمن بأن قيام دولة يهودية كان ضرورة حتمية لإتمام النبوءات التوراتية والإنجيليةبعودة المسيحوهذه الأفكار رعتها بریطانیا والتي كانت رأس الاستعمار وھي صاحبة السمعة السیئة في فلسطین ووعدھا الصادر من بلفور ھو كان ومازال مذكرة شؤم لدى الفلسطینیین والقومیین العرب بشكل عام كما وعملت الصھیونیة العالمیة على خلق أنظمة وراثیة موالیة للقرار الغربي ضمن مفاھیم مكیافیللي التي أوردھا في كتابه الأمیر حول إدارة المناطق المحتلة ولكن بواسطة حكومة موالیة من أھل تلك المنطقة حیث قال ” تدرك مثل ھذه الحكومة التي خلقھا الأمیر أنھا تعتمد في بقائھا على صداقته وحمایته لذا فھي تبذل بالغ الجھد للحفاظ علیھا “وقد فسر بقاء ھذه الحكومات بأنه مرھون بمدى رضا قوى الاستعمار عنھا ولقد أقامت رأس الاستعمار بریطانیا في أواخر القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر تحالفات مع شیوخ القبائل في منطقة الخلیج العربي لضمان تجارتھا ونفوذھا ومصالحھا في ھذه الممرات الھامة في العالم , حیث أن الخلیج العربي یربط تجارة الھند وشرق أسیا ببلاد العرب وأوروبا غربا وقد تنافست دول استعماریة عدة على مناطق الخلیج العربي بھدف الاستیلاء على ھذه المنطقة الھامة وقد زاد ھذه المنطقة أھمیة اكتشاف بحیرة من البترول فیھا حیث أن منطقة الخلیج الآن تصدر ما نسبته 40 %من النفط العالمي عبر مضیق ھرمز على رأس الخلیج العربي , لذلك انفردت بریطانیا وبكل قوة بتوجیه سیاسة شیوخ قبائل الخلیج والذین بدورھم تنافسوا في سبیل الارتقاء والوصول للرضا البریطاني على حساب أسر خلیجیة أخرى ولقد وقفت أقالیم الخلیج كافة إلى جانب بریطانیا والحلفاء كما العرب في الحربین العالمیتین الأولى والثانیة وصنعت بریطانیا كیانات عربیة من أسر موالیة لضمان مصالحھا الشیطانیة ورعت بریطانیا كذبا تطلعات العرب في التحرر من الحكم التركي أثناء الحرب العربیة الكبرى وتعاملت بازدواجیة مصلحیة فیما یخص الأسرتان الھاشمیة والسعودیة وھذه ھي سیاسة الاستعمار دوما وكافئت بریطانیا الھاشمیین بسلخ أجزاء من سوریا الطبیعیة وساھمت في إنشاء الإدارة الھاشمیة لشرق الأردن ودعمت عبد الله الأول في إنشاء مملكة ھاشمیة ولم یذكر التاریخ أي توتر أو اختلاف بین الأسر العربیة الحاكمة في الخلیج أو الأردن وبین الإدارة الاستعماریة البریطانیة حتى یومنا وھذا ما یؤكد صحة نظریة مكیافیللي في إدارة الملكیات المحتلة وقد ورثت الولایات المتحدة الأمریكیة المكانة نفسھا من بریطانیا العظمى ونفوذ وامتیازات أكثر وأعلا سقفا وتسیر الولایات المتحدة كما المعتاد بسیاستھا وفق ما یراه ساسة الیھود والصھیونیة العالمیة من أفكار شیطانیة تخدم إسرائیل عبر بعض الحكومات العربية لا سيما الخليجية وبعض دول المغرب العربي والأردن هذه الحكومات التي وصلت إلى درجة الوقاحة من التطبيع مع اسرائيل إلى دعمها لإسرائيل مقابل القضاء على المقاومة الإسلامية في لبنانبشكل علني هذه المقاومة التي اعتبرتها حكومات العار العربي جزءا من مشروع “المد الفارسي”
هذه الحكومات التي لم تراعي مشاعر المثقفيين والقوميين في بلادها فتناست وبكل صفاقة لمحاربة القومية العربية وتناست بأن المقاومة اللبنانية هي من أبناء الشعب العربي في لبنان والتي تدافع عن حقوقها وأن إيران جزء أساسي من دول المنطقة لا يمكن تغييبها وإلغاءها فعمقت علاقاتها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل لدرجة دفعت رئیس قسم الاجتماع بجامعة بن جوریوند. لیفنبرج لیقول في حدیث له عام 2008” كل الأنظمة العربیة تقریبا في خطر لو انھارت دولة إسرائیل “ .. هذا التصريح الذي یدفعنا إلى محاولة التوقف قلیلا والبحث عما وصلنا إلیه على ید بعض تلك الأنظمة التي تحدث عنھا لیفنبروالتي جعلتالأستاذ محمد حسنین ھیكل يقول أن الملك عبد الله – ملك الأردن الأسبق وابن حسین جدعون قد عقدا اتفاقا في أثناء حرب 1948 یقضى بتجمید إطلاق النار على الجبھة الأردنیة ، في مقابل قیام الإسرائیلیین بتلقین القوات المصریة درسا قاسیا .. وتابع الأستاذ ھیكل قائلا أن الملك عبد الله قد أھدى منطقة إیلات إلى الإسرائیلیین كي لا تكون له حدود مشتركة مع مصروقدكانت نتیجة تبرید الجبھة الأردنیة ھو قیام القوات الإسرائیلیة بشن ھجوم مضاد ومكثف على الجبھة المصریة واحتلت بموجبها مدینة العریش ، ثم انسحبت منھا بعد ضغوط دولیة علیھا.. وقد خلف الملك حسین جده في ینایر 1952 وبعد أن قامت الأسرة الملكیة بعزل أبیه طلال بن عبد الله بعد عام واحد من اعتلائه العرش .. وتربى حسین بن طلال على ید أمه زین التي كانت تأخذه إلى المعابد الصھیونیة الیھودیة في تركیا وبریطانیا لیتعلم دین أجداده ، كما أنھا ھي التي أحضرت له زوجة یھودیة تسمى أنطوانیت وھي إنكلیزیة وكان أبوھا یعمل عقیدا في الجیش البریطاني في الأردن ویسمى تونى غاردنرز .. عرفت أنطوانیت فیما بعد باسم الأمیرة منى ، وقد أنجبت للملك حسین أولاده عبد الله ملك الأردن الحالي وفیصل وعائشة وزین
ولو أردنا التبحر في أصول كثير من الحكومات العربية لوجدنا أنها يهودية الأصل لكن مايهمنا من التنويه إلى هذا الأمر هو إطلاع المثقف العربي إلى حقيقة ما يدور في المنطقة منذ عشرات السنين على يد صهاينة عرب يقومون باستزاف خيرات الأرض العربية للمساعدة في تحقيق الحلم الصهيوني في سلب أرض فلسطين العربية وإلصاق أسم اسرائيل فيها هذا الدور الذي انتهى أخيرا وليس أخرا بما أطلقوا عليه زورا وبهتانا اسم ” الربيع العربي” هذا الربيع الذي دمر ليبيا وحولها إلى مركز لتصدير الأسلحة للمجموعات الإرهابية لمحاربة محور المقاومة في سوريا ولبنان وفلسطين وجعل منها بؤرة للإرهاب وسوقا رخيصة للدول الأوربية لتجريب سلاحها الجديد وملئ مخازنها بالنفط والذهب الليبي نفسه ذلك الربيع الذي حمل مصر مليارات الدولارات من الديون الجديدة و سبب انهيارا في الجنيه المصري إلى النصف الأمر الذي سبب تفاقم حالة غياب مصر القيادي القومي في وجه العدو الصهيوني والمجموعات الإرهابية المتأسلمة التابعة له والتي سببت الشقاء للشعب السوري من جراء إجرامها محاولة إضعاف الجيش العربي السوري والمقاومة الإٍسلامية في لبنان لتخيف العبء عن العدو الصهيوني الذي تجاوز كل القرارات الدولية واستغل الفرصة وحالة الحرب في سوريا ليساند جبهة النصرة المصنفة إرهابية في مجلس الأمن الدولي وكل ذلك لم يحرك المشاعر الخليجية لمقاطعة العدو الصهيوني وحصاره بالمقابل قاطعت هذه الدول قطر بعد زيارة ترامب للسعودية بحجة دعم الحكومة القطريةللإرهاب والحقيقة أن قطر لم تقصر في دعم الإرهاب في سوريا لكن نريد توضيح الإزدواجية التي تتحدث بها تلك الحكومات مستخفة بعقل المثقف القومي العربي مستغلة المشاعر الإنسانية لدى الشعوب العربية الأصيلة. فالسعودية التي قدمت لترامب ملايين الدولارات لأنه “شرفهم بزيارته” لم تفكر بشعبها والذي مازال 25% بالمئة منه تحت خط الفقر بل أنه يعيش حالة جهل تامة ومازال حتى الآن منقطع عن العالم وكل ذلك لأسباب طائفية تظهر العقلية الحجرية التي تتعامل بها تلك الحكومات مع شعبها
وللأسف لم تعد القومية العربية موجودة حتى في أذهان الشعوب العربية فقد استطاعت الصهيونية العربية أن توئد القومية العربية بيد أبيها من خلال اعتماد أفكار ومفاھیم مكیافیللي فالحرب الدائرة في سوريا واليمن وليبيا والانقسام السوداني والخلافات الخليجية تدل على هشاشة العلاقات بين الدول العربية لدرجة أنها لا ترقى لأن تكون علاقات بين دول صديقة بل هي علاقات عدائية تهدف إلى إزلال محور المقاومة لتحجيمه مع قدراته مما ينتج في نهاية المطاف الحلم اليهودي من الفرات إلى النيل فقد فسر كثير من المراقبون قيام السعودية بشراء الجزيرتين المصريتين في البحر الأحمر بسعي السعودية إلى امتلاك حدود مع “إسرائيل ” مما يجعل من السهل عليها عقد اتفاقية مع الكيان الصهيوني مشابهة لاتفاقية كامب ديفيد
من الطبيعي أنه لاتوجد حلول بسيطة لإعادة إيقاظ الشعور القومي للقضاء على الصهاينة المتسترين بعباءة عروبتنا إلا الثورات الشعبية العربية الحقيقة التي تنهي فترة الحكم اليهودي لبعض الدول العربية وتحويلها إلى دول إٍسلامية علمانية والقضاء على الفكر الإٍسلامي الصهيوني
ولا بد أن انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه في الحرب العالمية بأذرع إرهابية صهيوإٍسلامية سيعزز من قدرة وثبات محور المقاومة مقابل محور الاستعمار ويضعفه وربما يؤدي إلى دمار كثير من حكومات الشر الخليجية والمقاطعات الخليجية- الخليجية ما هي إلا بداية الغيث فالنصر لسوريا العربية والنصر للجيش العربي السوري وحلفائه