سوريا من الوعيد إلى الردع والنذر الأول f16
أستيقظت الجمهورية العربية السورية في صبيحة العاشر من شباط 2018 على بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة وهي تزف خبر إسقاط طائرة f16 لطالما عكرت صفو السوريين ودمرت بيوتهم ومنازلهم وقتلت أبناءهم متجرأة على سيادة أراضيها بقصد رفع معنويات أدواتها في الداخل السوري والتي فشلت في أن تسقط سوريا ومكانتها وذلك في اليوم التالي لإعلان الجيش إنهاء تواجد “داعش” في الجيب الممتد بين جنوب حلب وشمال حماه
إسقاط طائرة أل F 16 الأمريكية الصنع ، من قبل الصواريخ العربية السورية من طراز سام 5 السوفيتية الصنع ، حدث غير عادي ، ليس لجهة المواقف المبدئية للدولة السورية وقيادتها في مواجهة المشروع الصهيو أمريكي ، فهي ثابتة ثبوت إيمانها اليقيني في الصمود والتصدي للحرب الكونية التي تقودها الولايات المتحدة و” إسرائيل ” والأدوات الوظيفية في الواقع الإقليمي بهدف إسقاط المنطقة برمتها . ولكن لأن إسقاط تلك الطائرة الأمريكية – ” الإسرائيلية ” يأتي في توقيت شديد التعقيد وبالغ الخطورة ، حيث تتدحرج الأوضاع نحو التصعيد بسبب أن سوريا وحلفائها وبعد استعادة زمام المبادرة انطلاقاً من الميدان السوري الذي مالت موازين القوى فيها لمصلحة محور المقاومة وحليفتها روسيا الاتحادية . الأمر الذي بدأت فيه مرحلة استبدال الأدوات ، ليحل محلها الأُصلاء بعد فشل تلك الأدوات في تحقيق أهداف هؤلاء من مشغلين ومحرضين وممولين ، وهذا ما بدا واضحاً ، أولاً عبر إسقاط الطائرة الروسية بصاروخ أمريكي من قبل الإرهابيين ، وثانياً بدأت تركيا تدخلاً عسكرياً ضخماً تحت حجة التصدي للأطماع الكردية الهادفة إلى إقامة كانتون وطردهم من عفرين ومنبج ، وثالثاً من خلال الغارة الأمريكية في دير الزور على القوات الشعبية الحليفة لسورية ، ورابعاً تلك الغارة ” الإسرائيلية ” على مواقع سورية ، والتي ارتدت على العدو الصهيوني بإسقاط طائرتها أل F 16 فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة كما أن إسقاط الطائرة F16 الإسرائيلية هو رد استراتيجي مدروس وجاء بالتنسيق مع حلفاء سورية في محور المقاومة وهذا من شأنه أن يغير قواعد الاشتباك في المنطقة وينقل “إسرائيل” من الفعل إلى رد الفعل ويظهر في ذات الوقت قوة وسائط الدفاع الجوي السورية وتطورها وهذه من شأنها فرض توازن الردع وتوازن الرعب ليس داخل الجغرافيا السورية فحسب وإنما على مستوى المنطقة وبالتالي فقد تغيرت المعادلة الإسرائيلية التي تقول بامتلاك أقوى سلاح جوي في المنطقة لتتجه الأمور إلى صالح الصواريخ الاستراتيجية التي كسرت المقاربة الإسرائيلية السابقة كما أن هذا الرد يزيد من قوة الموقف السوري على الصعيد الدولي فصد العدوان حق تكفله القوانين الدولية والأهم من ذلك كله أن هذا الرد يعد استجابة لمطلب شعبي سوري يطالب بعدم السماح بالمساس بالسيادة الوطنية
من جهة أخرى أظهر هذا الحدث الميداني حجم الإرباك في الداخل الإسرائيلي وهشاشة المجتمع الإسرائيلي حيث لجأ سكان مناطق الشمال داخل الأراضي المحتلة إلى الملاجئ وأُغلقت الموانئ والمطارات الإسرائيلية وأُقفلت الطرق المؤدية إلى شمال الجولان فطبيعة الرد السوري أربكت حسابات الجيش الإسرائيلي لاسيما وأن “إسرائيل” تدرك أن اندلاع أي حرب مع سورية أو حزب الله او إحدى دول محور المقاومة سيؤدي إلى حرب شاملة على المستوى الإقليمي لن تستطيع “إسرائيل” تحمل تكاليفها داخلياً وعسكرياً وإسقاط الطائرة ” الإسرائيلية ” رسالة لحكومة نتنياهو وجنرالاته بأن قواعد الاشتباك إن لم تتغير ، فهي تسير حثيثاً نحو التغيير . كما أنها رسالة أيضاً للولايات المتحدة ، بأن طائراتك التي أغارت على دير الزور وارتكبت مجزرة مدانة باسم التحالف الدولي ، ستلقى ذات مصير إذا ما تكررت . وفي هذا السياق علق رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية بدمشق الدكتور عماد فوزي الشعيبي على صفحته الشخصية بأن : رسالة إسقاط الطائرات الإسرائيلية تتعدى العملية الآنية، لتصل إلى حدّ التأكيد على الرسالة الروسية لنتنياهو بأن إشعال حرب الشمال ممكن إسرائيلياً ولكن إيقافها ليس بيد الإسرائيليين، لأن تحييداً للطائرات الإسرائيلية سيكون هو عنوان الحرب المقبلة، ما يعني أن سلاح صواريخ أرض- أرض السورية هو أداة الحرب القادمة.
وقد توالت ردود الفعل العربية الداعمة للجيش السوري وللحكومة السورية ولحق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه وقالت قناة الميادين في بيان لها أن الجيش العربي السوري يمثل الآن كل عربي شريف في أي بقعة من بقاع العالم وقد أدان حزب الله “العدوان الإسرائيلي المستمر على الجمهورية العربية السورية”، مشيدا عبر بيان له بـ “يقظة الجيش العربي السوري الذي تمكن من إسقاط مقاتلة من طراز أف 16″ بدورها أدانت وزارة الخارجية اللبنانية “الغارات التي تعرضت لها الجمهورية العربية السورية، وأكدت حق الرد المشروع على أي اعتداء إسرائيلي وأعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية مساندتها للحكومة السورية على لسان المتحدث باسم حركة حماس، إسماعيل رضوان كما وأعربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان لها، عن تضامنها ودعمها الكامل لسوريا بعد إسقاط طائرة “إف-16” من جهته أصدر التيار الشعبي التونسي بيانا قال فيه : ندعو الجماهير العربية وقواها الوطنية إلى الوقوف مع سوريا والمقاومة بكل السبل المتاحة
إن حصيلة ما جرى لحظة إسقاط الطائرة ” الإسرائيلية ” لا يمكن كتابته في أسطر مقالة لكنه يدعو للتفاؤل بأن القادم من الأيام سيكون في مصلحة محور المقاومة الممتد من إيران إلى العراق وسورية ولبنان إلى فلسطين